ملخص تنفيذي

المبادرة الوطنية لإعادة بناء الشرطة

(شرطة لشعب مصر)

الإصدار الرابع

 

يؤكد استمرار الغياب الأمني بعد مرور أكثر من عامين على الثورة أن ثمة خللا وظيفيا في جهاز الشرطة في مصر؛ يحول بينه وبين العمل في ظل أوضاع جديدة يحكمها سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان؛ الأمر الذي يوضح أن ثمة خطرا داهما يتهدد الثورة لو ظلت وزارة الداخلية بنفس تنظيمها الحالي.  ومن ثم فلا مجال للتحدث عن إصلاحات محدودة في وزارة الداخلية؛ بل لا بد من إعادة تنظيم تلك الوزارة وفقاً لتدخلات جراحية تغير من وجهها وأجهزتها وفلسفة عملها في المجتمع.

وتأتي مبادرتنا في ظل هذا المشهد الذي تبدو فيه مصر ما بعد الثورة، وهى تعانى من الغياب الأمني، وتعاني من استمرار ذات الممارسات الأمنية القمعية لدى أي ظهور لأجهزة الأمن في المشهد؛ بما يؤكد  أن وزارة الداخلية لم تتبن حتى الآن إستراتيجية متكاملة لإرساء علاقة صحية بين أجهزة الأمن والشعب، تحكمها مبادئ سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان. فباستثناء بعض الأعمال الفردية الجديرة بالاحترام من بعض ضباط وأفراد الشرطة الشرفاء، فقد اقتصر جهد الوزارة – حتى الآن – على إجراءات جزئية، أقصى ما يمكن أن تصل إليه هو إعادة الأمور إلى وضع ما قبل 25 يناير، ولكنها لا تغير من المنهج العام الذي أدى إلى انهيار وزارة الداخلية يوم 28 يناير 2011

الإجراءات التى توصى بها المبادرة

          اجراءات انتقالية للتطهير والمحاسبة والتعامل مع جرائم وانتهاكات الشرطة فى الماضى

           التطوير المؤسسى وإجراءات إعادة الهيكلة لجهاز الشرطة

           إجراءات وآليات لضمان عمل جهاز الشرطة فى إطار من الشفافية وخضوعه للرقابة والمحاسبة

          برامج لتغيير الصورة الذهنية عن الشرطة فى المجتمع، تترافق مع تحقيق التقدم على كافة المحاور السابقة.

          تعديلات وإضافات تشريعية لتحقيق كل ما سبق.

 

إجراءات التعامل مع جرائم وانتهاكات الشرطة فى الماضى

1-  مسار جنائى:

لضمان محاكمات جادة للضباط والأفراد والمسئولين على الجرائم التى ارتكبوها بدءا من عام 1981 وحتى نهاية الفترة الانتقالية.  نتبنى لهذا المسار الإجراءات الواردة فى مشروع قانون العدالة الانتقالية الثورية الذى أوصت به لجنة تقصى الحقائق المشكلة بالقرار الجمهورى رقم 10 لسنة 2012، والذى ينشأ بموجبه نظام قضائى انتقالى طبيعى، يضمن حقوق المتهمين، وفقاً لآليات عدالة جنائية لا ترتبط بنظام العدالة الحالى، وتعتمد على ثلاث هيئات انتقالية، هى:

  1. هيئة لتلقى البلاغات والشكاوى وجمع المعلومات وإعداد الملفات، ثم إحالتها إلى قضاة تحقيق منتدبين من المجلس الأعلى للقضاء.
  2. هيئة لتعويض أهالى الشهداء والمصابين والضاحايا
  3. محكمة جنايات الثورة، وتختص بمحاكمة المتهمين المحالين إليها من قضاة التحقيق، وتشكل من القضاة الطبيعيين والذين يصدر قرار بتعيينهم من المجلس الأعلى للقضاء بعد انتخابهم من الجمعية العمومية لقضاة محاكم الاستئناف.  وتعتمد المحكمة على التشريعات المصرية والمواثيق الدولية وخاصة ما يتعلق بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وجرائم الاختفاء القسرى والتعذيب وغيرها.

 

2-  مسار إدارى:

البدء فوراً فى إعداد تشريع لإنشاء آلية ”الغربلة“ vetting لفحص سجلات ضباط وأفراد الشرطة واتخاذ قرارات بشأن استمرارهم فى الخدمة أو إنهاء خدمتهم أو النقل أو تغيير طبيعة العمل، وذلك طبقاً لمعيارى ”الكفاءة“ و ”الاستقامة“.  ولا تتعارض قرارات هذه اللجنة مع عمليات المساءلة الجنائية.

ويجب أن ينص هذا التشريع على تشكيل لجنة مستقلة ومتفرغة لأداء هذه المهمة، وتشتمل اللجنة على قضاة وقانونيين ومتخصصين فى العمل الشرطى ومجالات أخرى.  وتحدد اللجنة أولويات الفحص وأنواع القرارات الناتجة عنه.  وتعتمد اللجنة فى التقييم على ملفات العاملين والمعلومات المتوفرة عنهم بأجهزة الدولة المختلفة، وترجع إلى سجلات المحاكم وتقارير المنظمات غير الحكومية والتقارير الإعلامية وتقارير لجان تقصى الحقائق، كما تعتمد على شهادات المواطنين وضحايا الانتهاكات وأسرهم، وعلى جلسات استماع للشخص الخاضع للتقييم، مع توفير حقه كاملاً فى استعراض كل ما قد يدعم موقفه فى التقييم.

 

إجراءات التطوير المؤسسى وإعادة الهيكلة لجهاز الشرطة

1)      مراجعة التوصيف الوظيفى لدور الشرطة فى المجتمع

2)      إسناد منصب وزير الداخلية إلى ”وزير سياسى“ من خارج هيئة الشرطة

3)      تحويل جهاز الأمن من المركزية الشديدة إلى مزيد من المحلية

4)      إزالة الصبغة العسكرية لجهاز الشرطة من خلال

a)      إلغاء نظام ندب المجندين لأداء التجنيد بوزارة الداخلية

b)      إلغاء قطاع الأمن المركزى وقطاع قوات الأمن واستبدالهما بتشكيلات للتدخل السريع وفض الشغب

5)      فصل قطاع الأمن الوطنى عن وزارة الداخلية

6)      تغيير طبيعة الإدارة العامة للانتخابات بوزارة الداخلية

7)      معالجة التضخم التنظيمى لوزارة الداخلية

8)      تقليص الدور الأمنى فى الترخيص والتصريح بالأنشطة المدنية المختلفة

9)      التعديل الجذرى لنظام الدراسة بكلية الشرطة

10)  تحسين الأحوال الوظيفية للعاملين بالشرطة

11)  رفع كفاءة العمل الشرطى وتبنى التقنيات الحديثة

 

آليات الشفافية والرقابة والمحاسبة

لكى تنضبط علاقة الشرطة بالشعب وتصبح فعلاً ”شرطة لشعب مصر“ يجب إخضاع الشرطة لرقابة الشعب ومحاسبته، من خلال أجهزة الدولة التى تمثل سلطات الشعب التشريعية والقضائية، وكذلك من خلال المجتمع المدنى والتنظيمات المحلية.  ويجب أن تشمل هذه الرقابة:

    1.  الرقابة على الأداء، والمحاسبة على التقصير فيه.
    2.  الرقابة على الالتزام بالقانون، والمحاسبة على انتهاكه.
    3.  الرقابة المالية، والتى تشمل الكشف عن مخصصات الأمن فى الموازنة العامة للدولة، ومراقبة أوجه الإنفاق.

 

الرقابة على أداء الشرطة، والمحاسبة على التقصير

1)      إعداد واعتماد حزمة من ”مؤشرات الحالة الأمنية“، التى تعطى تقييماً رقمياً موضوعياً للحالة الأمنية موزعة جغرافياً ونوعياً.  كما يجب اعتماد آلية قومية للقياس والتقييم الدورى (شهرياً على الأقل) لعناصر هذه المؤشرات.

2)      تفعيل خطوط تليفون النجدة وإعلانها بوضوح وإخضاعها للتسجيل والرقابة والمراجعة الدورية، والاحتفاظ بالتسجيلات للرجوع إليها فى حالة شكوى المواطنين من التقصير أو التباطؤ فى الاستجابة للبلاغات.

3)      إرساء آليات لمساءلة كل مسئول أمنى عن أى خطأ مهنى أو قصور أمنى فى المنطقة الخاضعة لمسئوليته، وذلك من خلال وزارة الداخلية – النائب العام – المواطنين.

 

الرقابة على الالتزام بالقانون، والمحاسبة على انتهاكه

1)      النائب العام:  مباشرة عمليات التفتيش على أعمال مأمورى الضبط القضائى وأماكن الاحتجاز بجدية وبمعدلات مرتفعة وبدون سابق إخطار، واتخاذ إجراءات صارمة، والإعلان عنها، فى حالة وجود أية تجاوزات.

2)      وزير الداخلية:  التصريح لممثلى منظمات المجتمع المدنى المعنية بالدخول إلى مقار الشرطة فى أى وقت، وتفقد أماكن الاحتجاز وأحوال المحتجزين…

3)      إنشاء ”الهيئة القومية للوقاية من التعذيب والمعاملة القاسية والمهينة“، وتختص بوضع السياسات لمكافحة كافة أشكال التعذيب والمعاملة المهينة للمواطنين، وبالرقابة على الأجهزة الأمنية.  ولها صلاحية القيام بزيارات لأقسام الشرطة وأماكن الاحتجاز، ومقابلة جميع الأشخاص والحصول على كافة المعلومات التى تطلبها، والتحقيق فى الشكاوى…

4)      إنشاء لجنة مستقلة للتحقيق التلقائى فى جميع وقائع الوفاة والإصابات البالغة على يد رجال الشرطة، بهدف التأكد من مدى قانونية استخدام القوة فى كل حالة.

 

برامج تغيير الصورة الذهنية

ندعو إلى اتخاذ إجراءات عملية لتغيير الصورة الذهنية عن الشرطة فى المجتمع، وذلك بعد حدوث تقدم على كافة المحاور السابق ذكرها، بما يؤدى إلى تكوين صورة ذهنية جديدة عن الشرطة ترسخ فى أذهان المواطنين احترام جهاز الشرطة لسيادة القانون وحقوق الإنسان.  وفيما يلى بعض الأمثلة:

           تغيير إسم وزارة الداخلية.

           إعادة بناء مقرات الشرطة وفقاً لتصميم جديد.

           تغيير زى ضباط وأفراد الشرطة.

 

التعديلات التشريعية

تحقيق الكثير من المحاور السابقة يتطلب إدخال تعديلات على عدد من القوانين القائمة، وكذلك استحداث عدد من التشريعات.  فيما يلى الملامح الرئيسية لأهم التعديلات والإضافات التشريعية المطلوبة:

أولاً: تعديلات فى بعض القوانين المرتبطة بعمل الشرطة:

          تعديل تعريف ”التعذيب“ فى القانون، بما يتسق مع القوانين والمعاهدات الدولية

          تعديلات واسعة النطاق فى قانون العقوبات فيما يتعلق بـ ”الجنايات والجنح المضرة بالحكومة من جهة الداخل“

          إلغاء المادة 2 فقرة ب من قانون الخدمة العسكرية والوطنية الخاص بندب المجندين من القوات المسلحة إلى وزارة الداخلية لأداء الخدمة العسكرية

ثانياً:  تشريعات انتقالية يجب استحداثها:

          تشريعات لإنشاء نظام العدالة الانتقالية الثورية

          تشريع لإنشاء اللجنة العليا المستقلة لفحص سجلات ضباط وأفراد الشرطة

ثالثاً:  تشريعات لإنشاء هيئات رقابية جديدة دائمة:

          الهيئة القومية للوقاية من التعذيب والمعاملة القاسية والمهينة

          اللجنة المستقلة للتحقيق فى وقائع الوفيات والإصابات البالغة على يد رجال الشرطة

رابعاً:  وضع قانون جديد لهيئة الشرطة

          يؤكد على الطبيعة المدنية – غير العسكرية أو شبه العسكرية – للشرطة

          يحدد التوصيف الوظيفى لدور الشرطة فى المجتمع، ويضع الضوابط لعدم تجاوزه

          يضع الأساس القانونى لتحويل الشرطة من المركزية الشديدة إلى المحلية

          يؤكد على حق الضباط والأفراد والعاملين المدنيين بالشرطة فى تشكيل نقابات

          يضع ضوابط لعمليات النقل الجغرافى والوظيفى، وكذلك لنهاية الخدمة

          يضع ضوابط واضحة لاستخدام رجال الشرطة للقوة والسلاح، تتسق مع المعايير الدولية

          ينص على حقوق المواطن عند التعرض للتوقيف والتفتيش والقبض.

خامساً:  وضع قانون جديد لأكاديمية الشرطة