مقدمة

قبل انهيار وزارة الداخلية مادياً على الأرض في يوم 28 يناير 2011م ، فإنها كانت قد انهارت معنوياً – على مدى سنوات طويلة – في قلوب 80 مليون مصرى، امتلك كل منهم القناعة المؤكدة بأن جهاز الأمن في مصر يعمل في خدمة النظام، حتى لو على حساب المجتمع والمواطنين.

 

ولعل السبب في هذا الانهيار المادى والمعنوى يعود إلى خلل وظيفى في تنظيم وزارة الداخلية؛ أدى إلى ربطها بعلاقة غير حميدة مع السلطة؛ في ظل دولة يتم وصفها بـ “الدولة البوليسية” بامتياز.

 

لذلك، لا يمكن تجاهل المعنى الذى كرسته ثورة 25 يناير عندما جعلت من يوم الاحتفال بعيد الشرطة هو ذات اليوم الذى تنطلق فيه مسيرتها.  كما لا يمكن تجاهل  ذات المعنى عندما أدى عنفوان الثورة يوم 28 يناير إلى إخراج جهاز الشرطة من ساحة الصراع مهزوماً؛ فكان ذلك بمثابة المؤشر لبداية سقوط النظام؛ طالما سقطت يده الباطشة.

 

ولعل استمرار الفشل الأمنى بعد الثورة يؤكد أن ثمة خلل وظيفى فى جهاز الشرطة فى مصر؛ يحول بينه وبين العمل فى ظل أوضاع جديدة تحكمها سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان.  الأمر الذى يؤكد أن استمرار وزارة الداخلية بنفس تنظيمها الحالى سيكون أحد أكبر معوقات التطور الديمقراطى فى مصر.  ومن ثم فلا مجال للتحدث عن إصلاحات محدودة فى وزارة الداخلية؛ بل لا بد من إعادة تنظيم تلك الوزارة وفقاً لتدخلات جراحية وهيكلية تغير من وجهها وأجهزتها وفلسفة عملها فى المجتمع.

 

وللأسف فإن وزارة الداخلية لم تتبنَ استراتيجية متكاملة لمعالجة هذا الخلل وإرساء علاقة صحية بين أجهزة الأمن والشعب، تحكمها مبادئ سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان.  

 

لذلك، فقد قامت مجموعة من المواطنين ومنظمات المجتمع المدنى الحقوقية بتشكيل مجموعة عمل مستقلة لإعداد مبادرة للتعامل مع مشكلة الغياب الأمنى وإعادة بناء الشرطة.

 

وقد انطلقت المجموعة من ورقة العمل المقدمة إلى مؤتمر مصر الأول (المنعقد فى 7 مايو 2011)  تحت عنوان “الإجراءات الخاصة بإعادة تنظيم وزارة الداخلية”، والتى قام بإعدادها عقيد شرطة سابق دكتور/ محمد محفوظ.  حيث قامت المجموعة – على مدى العديد من الاجتماعات والمقابلات وجلسات العمل – بمناقشة الورقة وتطويرها واتخاذها أساساً لإعداد مبادرة متكاملة لاستعادة الأمن وإعادة بناء الشرطة؛ فى إطار من إرساء مبادئ سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان؛ حيث تم إطلاق هذه المبادرة – فى إصدارها الأول – فى يوليو 2011  

 

منذ ذلك التاريخ تداوم مجموعة العمل على عرض المبادرة ومناقشتها فى مختلف المحافل الإعلامية والسياسية والشعبية، وكذلك البرلمانية والتنفيذية.  كما نعمل على تطويرها وتحديثها باستمرار من خلال النقاش والتفاعل مع العديد من الجهات والشخصيات الوطنية، ومن خلال متابعتنا وتحليلنا لمستجدات الأحداث على الصعيد الأمنى، ومن خلال دراسة تجارب الدول الأخرى فى مجال الإصلاح الأمنى.  فى إطار هذا التطوير المستمر، تم إطلاق الإصدار الثانى من المبادرة فى أكتوبر 2011، والإصدار الثالث فى فبراير 2012، وهذا هو الإصدار الرابع.

 

حرصت هذه المبادرة على أن تتأسس وفقاً لمجموعة من المبادئ التى تسعى لتحقيق عدد من الأهداف؛ يأتى على رأسها:

 

– مبدأ التطهير والمحاسبة والمراقبة :  بما يعنى تطهير جهاز الشرطة من القيادات والعناصر المتورطة فى جرائم ضد الثورة وضد الشعب؛ وإقرار آليات تكنولوجية وقضائية وشعبية لمراقبة الأداء الأمنى.  الأمر الذى يقدم رسالة لكافة العاملين فى جهاز الأمن بأن لا أحد بمنأى عن المساءلة والعقاب طالما لم يلتزم بضوابط القانون وقواعد حقوق الإنسان؛ ويقدم رسالة للشعب تساعد على تجاوز حالة الخصومة الثأرية الكامنة فى نفوس المواطنين تجاه جهاز الشرطة لإفلاته المزمن من المحاسبة وعدم خضوعه للقانون؛ كما يقدم رسالة للحكومة توضح بأن لا تعارض بين هيبة الدولة وبين إعمال سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان.

 

– مبدأ مدنية جهاز الشرطة :  بما يعنى التأسيس لمجموعة من التدخلات والإجراءات الحاسمة التى تضمن الحفاظ على الطبيعة المدنية لجهاز الشرطة؛ واستئصال أى صبغة عسكرية أو شبه عسكرية التصقت بهذا الجهاز؛ فأدت إلى انفصاله عن المجتمع واستخدامه كأداة فى يد نظام فاسد لترويع المواطنين.

 

– مبدأ التحول من الإدارة المركزية الشديدة إلى الإدارة المحلية :  بما يعنى تنظيم جهاز الشرطة وفقاً لنظام غير مركزى؛ يساعد على التصدى للمشكلات الأمنية التى تتمايز وتختلف من محافظة إلى أخرى؛ ويساهم فى تبنى مطالب الجماهير الأمنية المزمنة التى طال إهمالها.

 

– مبدأ الإدارة السياسية :  بما يعنى ضرورة التحول إلى النهج السياسى فى الإدارة التنفيذية؛ واستبعاد أسلوب الاعتماد على كادر أمنى لقيادة وزارة الداخلية؛ الأمر الذى يوفر رؤية سياسية عريضة لإدارة العمل الأمنى؛ تخرج به من حيز الرؤية المهنية الضيقة المتحيزة للمؤسسة الأمنية أكثر من انحيازها للمجتمع.

 

– مبدأ المسئولية الأخلاقية :  بما يعنى تمكين كافة العاملين فى جهاز الشرطة من ممارسة الحق فى التنظيم النقابى؛ وما يستتبعه ذلك من القدرة على المطالبة بحد أدنى عادل للأجور وحد أقصى لساعات العمل… إلى آخر الحقوق المهنية المقررة لأية فئة؛ الأمر الذى يساهم فى تنمية الوعى لدى كل العاملين بجهاز الشرطة بأهمية وضع معايير أخلاقية ومهنية ذاتية تساعد على تدعيم الإحساس بالمسئولية الأخلاقية تجاه المجتمع، باعتبار أن حقوق العاملين بجهاز الأمن – النابعة من الدستور والقانون – ترتبط فى ذات الوقت ارتباطاً وثيقاً بمجموعة من المسئوليات الدستورية والقانونية التى تهدف إلى تحقيق أمن المجتمع وليس أمن النظام.

 

– مبدأ التغيير وليس الإصلاح :  بما يعنى الانطلاق من ذات المسلمات التى أسست لها الثورة عندما أعلنت أنها تريد إسقاط النظام وليس إصلاحه.  وبالتالى فإن كافة القطاعات الأمنية التى اعتمد عليها النظام السابق فى بقائه، ينبغى التعامل معها وفقاً لتدخلات جراحية تؤدى إلى إسقاط هياكلها ومناهجها فى العمل؛ الأمر الذى يضمن تغيير تلك القطاعات لوسائلها وأهدافها لكى تنتهج المسار الذى يفضى إلى انحيازها للمجتمع.

 


لم تحرص وزارة الداخلية على اتخاذ خطوات جدية لاستعادة التواجد الأمنى على نطاق واسع أو لتغيير أساليبها القمعية فى التعامل مع المواطنين؛ فباستثناء الأعمال الفردية الجديرة بالاحترام من بعض ضباط وأفراد الشرطة الشرفاء، فقد اقتصر جهد الوزارة – حتى الآن – على إجراءات جزئية، أقصى ما يمكن أن تصل إليه هو إعادة الأمور إلى وضع ما قبل 25 يناير، ولكنها لا تغير من المنهج العام، المرفوض شعبياً، والذى أدى إلى انهيار وزارة الداخلية يوم 28 يناير.

 

ويبدو هذا واضحاً من الحالة التى مازالت تعيشها مصر بعد أكثر من عامين على الثورة: تعانى من الغياب الأمنى؛ وتعانى من استمرار ذات الممارسات الأمنية  القمعية عند حدوث أى احتكاك أو مواجهة بين أجهزة الأمن وبين جماهير الشعب أو أفراده.

 

وقد تراوح موقف الوزارة من مبادرات الإصلاح ما بين التجاهل والرفض لأى مبادرة قادمة من خارج الوزارة، بادعاء أن الداخلية قادرة على إصلاح نفسها من الداخل، وهو ما لم يحدث.  مما يؤكد أن الوزارة قد اختارت الرهان على عنصر الزمن لكى تعود تدريجياً ولكن بنفس الوجه والمنهج القديمين، وذلك رغم أن تجربة الثورة تثبت – بكل تطوراتها – أن هذا الرهان يقود إلى حتمية تجدد اندلاع المواجهة بين الشعب والشرطة؛ بما يسفر عن نتائج فادحة وكارثية لن يمكن معالجتها إلا بعد العديد من السنوات.

 

وبالتالى… فإن اضطلاع مؤسسة الرئاسة ومجلس الوزراء والمجالس التشريعية بمسئولياتها الدستورية لوضع وزارة الداخلية على طريق إجراءات إعادة التنظيم والهيكلة سيمثل الخطوة الصحيحة والوحيدة لسرعة استعادة التواجد الأمنى فى ظل منظومة شرطية تحترم سيادة القانون وحقوق الإنسان، ومن ثم تحظى باحترام المجتمع ومسا.

وفيما يلى عرض تفصيلى للإجراءات المقترحة فى هذه المبادرة:


 

الباب الأول:
إجراءات التطهير والمحاسبة والتعامل مع الجرائم والانتهاكات التى قامت بها الشرطة فى الماضى

 

 

أحكام البراءاة التى حكم بها القضاء المصري فى العديد من قضايا قتل وإصابة المتظاهرين، والتى بنيت على تحقيقات ضعيفة وأدلة مطموسة، سببت حالة من الاحباط فى صفوف المصريين، وخيبة أمل فى محاسبة مجرمي النظام البائد.  بل شجعت تلك الأحكام من تبقى من النظام البائد فى السلطة أو على ضفافها على الاستمرار فى ارتكاب الجرائم ضد المصريين، فسالت دماؤهم فى الشوراع مجدداً وكأن مبارك لم يسقط وكأن لم تقم ثورة فى مصر.

 

والأخطر من ذلك أن إفلات النظام وأفراده من العقاب يشكل عقبة رئيسية فى سبيل محاولات تأسيس الدولة المصرية ما بعد الموجة الأولي من الثورة، القائمة على العدالة والكرامة الإنسانية، وهو ما ترتب عليه فشل كل المحاولات التى بذلت من أجل إصلاح الأجهزة الأمنية وعلى رأسها جهاز الشرطة، وكذلك إصلاح القضاء، وغيرها من أجهزة العدالة.

 

إن المعالجة الكاملة لكيفية التعامل مع الجرائم والانتهاكات التى ارتكبتها الشرطة فى الماضى تتطلب استراتيجية متكاملة تتضمن اعتماد آليات العدالة الانتقالية (لجان تحقيق، محاكمات، صناديق تعويض، إصلاح مؤسسى… إلخ)، التى تستهدف البحث عن الحقيقة، وتعويض الضحايا، وتحديد المسئولية عن هذه الجرائم ومحاسبة مرتكبيها، واعتماد إجراءات وآليات لمنع تكرارها فى المستقبل.  هكذا هى منظومة العدالة الانتقالية التى تضمن – دون سواها – انتقال مصر من دولة مبارك إلى دولة الثورة.

 

وقد بذلت محاولات لاستخدام بعض آليات العدالة الانتقالية، مثل لجان تقصي الحقائق وهيئات التعويض، إلا أنها كانت فى مجملها إجراءات عشوائية وفاقدة للإرادة السياسية لمن بيدهم الأمر سواء بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة أو جماعة الإخوان المسلمين.  فخلال العامين المنصرمين شكلت لجنتان لتقصي الحقائق، الأولي كانت بقرار من رئيس الوزراء الأسبق، أحمد شفيق، والثانية بقرار جمهوري من الرئيس محمد مرسي، كما شكل مجلس قومي لرعاية أهالي الشهداء ومصابى ثورة 25 يناير.  ورغم النتائج التى أسفرت عنها بعض تلك الآليات – وخاصة لجنة جمع المعلومات والأدلة وتقصي الحقائق – من التوصل لحقائق تؤكد تورط أجهزة الشرطة والجيش فى جرائم قتل وإصابة المتظاهرين خلال الفترة من 25 يناير 2011 وحتى 30 يونيه 2012، فضلا عن تورطهم فى طمس وإخفاء المعلومات والأدلة على جرائمهم خلال ذات الفترة، إلا أنه لم يتم إتخاذ أية خطوات لإصلاح أو محاسبة تلك الأجهزة.

 

كما أوصت لجنة جمع المعلومات والأدلة وتقصي الحقائق والمشكلة بالقرار الجمهوري رقم 10 لسنة 2012 بعدد من التعديلات التشريعية المرتبطة بجهاز الشرطة والعدالة الانتقالية، وهي الجهود التى لاقت كل التجاهل من سلطات الدولة وخاصة رئيس الجمهورية.  ونتيجة لذلك فقد استمرت أجهزة مبارك وخاصة جهاز الشرطة فى خدمة القابع على رأس السلطة واستمرت فى ارتكاب الجرائم ضد الشعب المصري، واستمر غياب الأمن عن الشارع.

 
 

ولذلك فإن مبادرة شرطة لشعب مصر تتبنى مسارين متوازيين ومتكاملين كحد أدنى للتعامل مع الجرائم والانتهاكات التى قامت بها الشرطة فى الماضى: المسار الأول يتناول الجانب الجنائى، ونتبنى فيه عدداً من الخطوات والإجراءات الخاصة بالعدالة الانتقالية والوارد بعضها فى مشروع قانون العدالة الانتقالية الثورية والذى أوصت به لجنة جمع المعلومات والأدلة وتقصي الحقائق المشكلة بالقرار الجمهورى رقم 10 لسنة 2012.  أما المسار الثانى، فيتناول إنشاء آلية لفحص سجلات ضباط وأفراد الشرطة، واتخاذ قرارات إدارية بشأن استمرارهم فى الخدمة أو إنهاء خدمتهم أو النقل أو تغيير طبيعة العمل.

 

أولاً: المسار الجنائى – آليات العدالة الانتقالية الثورية:

 

المقصود  بالعدالة الانتقالية الثورية هي العدالة القائمة على حماية الثورة المصرية وضمان انتقال مصر لتأسيس دولة الحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية وفى ذات الوقت قائمة على ضمان حقوق أذناب النظام البائد في محاكمة عادلة ومنصفة والتي طالما غابت في ظل عدالة ذلك النظام، وفقا لآليات عدالة جنائية لا ترتبط بنظام العدالة الحالي.  ومن ثم فالعدالة الثورية هي نظام قضائي طبيعي يختص بجرائم النظام البائد، وفقا للتعريف السابق.

 

ضحايا النظام البائد:

يقصد بمصطلح “الضحايا” كل شخص من الذين أصيبوا بضرر فردي  أو جماعي، بما في ذلك الضرر البدني أو المعاناة النفسية أو الخسارة الاقتصادية، أو الحرمان بدرجة كبيرة من التمتع بحقوقهم الأساسية، عن طريق أفعال أو حالات إهمال حتى ولو كانت غير مجرمة في  القوانين الجنائية الوطنية، ولكنها تشكل انتهاكات لمعايير حقوق الإنسان  الدولية.

ويمكن اعتبار شخص ما ضحية، بصرف النظر عما إذا كان مرتكب الفعل قد عرف أو قبض عليه أو تمت  مقاضاته من قبل  أو أدين.  ويشمل مصطلح “الضحية” أيضا العائلة المباشرة للضحية الأصلية أو معيليها المباشرين والأشخاص الذين أصيبوا بضرر من جراء التدخل لمساعدة الضحايا في محنتهم أو لمنع الإيذاء.

 

مجرمي النظام البائد

ويقصد به كل شخص طبيعى قد تولى مناصب تنفيذية أو إشرافية فى أي من مؤسسات الدولة  (التابعة لأى من السلطات التشريعية أو القضائية أو التنفيذية)، وقام بنفسه – أو استخدم آخرين للقيام – بارتكاب إحدى الجرائم المنصوص عليها فى هذا القانون، وذلك خلال الفترة من عام 1981 وحتى تاريخ تولي رئيس الجمهورية المنتخب بعد الثورة المصرية.

 

كيف يعمل نظام العدالة الثورية

يعتمد نظام العدالة الثورية على ثلاث هيئات: أولها هيئة للمحاسبة والعدالة والشكاوي والثانية هيئة للتعويض والثاثة هي محكمة جنايات الثورة.  وتعمل الهيئات الثلاث على مراحل متتابعة، وذلك على النحو التالي:

 

أولاً:هيئة المحاسبة و العدالة

هي هيئة منوط بها تلقي البلاغات والشكاوى المتعلقة بالنظام السياسي السابق منذ عام 1981 وحتى تاريخ تولى رئيس الجمهورية المنتخب بعد الثورة المصرية، و يكون لهذه الهيئة مقار في العاصمة والمحافظات ولديها وسائل اتصالات معلومة ومعلن عنها.

تتكون الهيئة من قضاة حاليين  وسابقين وبعض الشخصيات العامة محل التوافق المجتمعي بشرط ألا يكونوا قد تولوا أي مناصب تنفيذية في النظام البائد أو معروفين بولائهم له.

 
تقوم الهيئة بتلقي البلاغات والشكاوي المتعلقة بجرائم النظام السياسي البائد وخاصة:

·        جرائم نهب أموال الشعب

·        جرائم التعذيب، والقتل خارج إطار القانون، والمعتقلين.

·        غيرها من الجرائم سواء الاقتصادية أو الجنائية.

 

كما تقوم الهيئة بإعداد ملفات لأفراد النظام السابق المشتبه فى تورطهم فى الجرائم، من خلال التحريات وجمع المعلومات وفقا للأصول القانونية الإجرائية المنصوص عليها فى القانون، وتسترشد في عملها باتفاقيات ومواثيق حقوق الإنسان الدولية وبالاستعانة بمنظمات حقوق الإنسان المصرية والدولية المعنية، وفى النهاية تقوم الهيئة بإحالة هذه الملفات إلى قضاة التحقيق (المنتدبين من المجلس الأعلى للقضاء) لاتخاذ ما يلزم من إجراءات التحقيق ثم الإحالة إلى محكمة جنايات الثورة.

 

وبشكل خاص، تقوم الهيئة بعمل تحريات وإعداد ملفات لكل من:

·        أعضاء المجلس الأعلى للشرطة فى الفترة من 25 يناير وحتى نهاية فترة مسئولية الهيئة (تاريخ تولى رئيس الجمهورية المنتخب)

·        نواب مديرى الأمن، ومساعدى مديرى الأمن للأمن العام، ومديرى إدارات البحث الجنائى بالمديريات، ومديرى إدارات الأمن المركزى، ومديرى قوات الأمن، ومديرى إدارات وأفرع مباحث أمن الدولة… بكافة المحافظات التى شهدت سقوط قتلى ومصابين فى مواجهات مع الأمن منذ قيام الثورة وحتى نهاية فترة مسئولية الهيئة.

·        القيادات الأمنية والضباط والأفراد المتورطين فى قتل وإصابة المتظاهرين السلميين فى أحداث شارع محمد محمود وأحداث محيط وزارة الداخلية وغيرها من المواجهات.

·        الضباط والأفراد الذين قاموا بانتهاكات لحقوق المواطنين أو تورطوا فى أى شكل من أشكال الفساد منذ عام 1981 وحتى نهاية فترة مسئولية الهيئة.

 

وتضمن الهيئة نظاماً آمناً لحماية الشهود والمبلغين والضحايا، والامتناع عن الإفصاح عن هويتهم إلا بالطرق القانونية.

 

ثانياً: هيئة تعويض الشهداء والمصابين وضحايا النظام البائد

تتولي هذه الهيئة حصر المستحقين للتعويضات من الشهداء والمصابين والمضارين من النظام البائد منذ عام 1981 وحتى تاريخ تسليم السلطة فى 30 يونيه 2012

تؤول جميع أموال الغرامات والمصادرات التي تحكم بها المحاكم المختلفة ضد رموز النظام السابق لهذه الهيئة لتقوم من خلالها بصرف التعويضات وفقا لنظام معلن وشفاف وواضح للرأي العام.

وتحل الهيئة محل المجلس القومي لرعاية أسر الشهداء ومصابي ثورة 25 يناير  بعد تسليمه لجميع ملفات الشهداء و المصابين الى الهيئة سالفة الذكر  وتؤول جميع أمواله إلى تلك الهيئة.

ينبنى عمل هذه الهيئة على ثلاثة  مبادئ وهي التعويض ورد الحق والمساعدة.

 

ثالثا: محكمة جنايات الثورة

تختص هذه المحكمة بمحاكمة المسئولين في النظام البائد والذين يحالوا إليها بقرار من قضاة التحقيق الذين تولوا التحقيق فى الملفات المرفوعة إليهم من هيئة المحاسبة والعدالة سالفة الذكر.  

تشكل هذه المحكمة من القضاة الطبيعيين والذين يصدر قرار بتعيينهم من المجلس الأعلى للقضاء بعد انتخابهم من الجمعية العمومية لقضاة محاكم الاستئناف.  وتعتمد المحكمة على التشريعات المصرية والمواثيق الدولية وخاصة ما يتعلق بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وجرائم الاختفاء القسري والتعذيب وغيرها من الاتفاقيات الدولية.

ينص في قانون إنشاء المحكمة على وجود درجة استئنافية للأحكام تتشكل من قضاة يصدر بتشكيلهم قرار من المجلس الأعلى للقضاء.

تعتمد المحكمة على القانون العام – قانون العقوبات المصري – القوانين الخاصة الطبيعية، وكذلك على المواثيق والاتفاقيات الدولية ذات الصلة في حالة خلو القانون المصري وعلى الأخص اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية  والتي صدقت عليها مصر عام 2004 .

ويتمتع المتهمون والمحالون للمحاكمة والمحكوم عليهم بالمعاملة الإنسانية التي تحفظ كرامتهم وتحميهم من التعذيب أو انتزاع الاعتراف كما يتمتع هؤلاء الأشخاص بضمانات المحاكمة العادلة والمنصفة والمنصوص عليها في القوانين المصرية وكذلك في الاتفاقيات والإعلانات الدولية ذات الصلة.

 

رابعا: المبادئ الحاكمة لهيئات نظام العدالة الثورية

·        لا يجوز لأي شخص كان يتولي منصب تنفيذي في النظام البائد أن يشترك بأي شكل من الأشكال في عضوية هذه الهيئات أو المحاكم.

·        تعمل هذه الهيئات والمحاكم على تحقيق العدالة والمحاسبة للفترة من عام 1981 وحتى تاريخ تولي رئيس الجمهورية المنتخب مهامه، على أن يتم تقسيم هذه الفترة زمنياً، وتكون الأولوية للجرائم الأحدث.

·        تعتمد هذه الهيئات والمحاكم على المعايير الدولية للمحاكمات العادلة والمنصفة بما فى ذلك الحق في الدفاع وعلانية المحاكمات والحق في الاستئناف وغيرها من ضمانات المحاكمة العادلة والمنصفة.

·        يجوز لقضاة التحقيق أو لمحكمة جنايات الثورة إصدار قرارات بوقف بعض المتهمين عن العمل أو اتخاذ إجراءات احترازية مثل العزل الوظيفي لضمان عدم التأثير في الشهود أو العبث بالأدلة على أن يتاح للمتهمين أو الصادر بحقهم هذه الإجراءات الطعن عليها.

 

 

واجب أجهزة الدولة تجاه هيئات نظام العدالة الثورية

على أجهزة الدولة وخاصة التنفيذية والأمنية مراعاة ما يلي: 

·        إتاحه كافة المعلومات والوثائق المتعلقة بالانتهاكات الموجودة لدى أجهزة الدولة المختلفة، وكذلك المعلومات التي يحتفظ بها الموظفون والمسئولون بالدولة، إتاحتها لأى من هذه الهيئات حال طلبها.

·        عدم التدخل في عمل هذه الهيئات وضمان استقلالها الإداري والمالي.

·        ضمان تنفيذ القرارات الصادرة عن هذه الهيئات.

 

القضايا المنظورة

تقوم النيابة العامة بإحالة جميع القضايا والتحقيقات المنظورة أمامها أو أي جهة أخري المتعلقة بجرائم النظام السابق سواء المتعلقة بنهب أموال الشعب والفساد الاقتصادي أو جرائم بحقوق المصريين إلى الهيئات والمحاكم المنصوص عليها فى هذا القانون، والتى لها أن تضيف بعض التهم أو تعيد التحقيق في بعض الأمور التي تم تجاهلها في التحقيقات السابقة، ولها أن تتخذ ما تراه من إجراءات تحفظية واحترازية لضمان عدم التأثير على الشهود أو العبث بالأدلة.

 

ثانياً:  المسار الإدارى – آلية فحص السجلات أو “الغربلة” vetting 

 

يجب البدء فوراً فى إعداد تشريع لإنشاء آلية لفحص سجلات ضباط وأفراد الشرطة، واتخاذ قرارات بشأن استمرارهم فى الخدمة أو إنهاء خدمتهم أو النقل أو تغيير طبيعة العمل.  ويجب أن ينص هذا التشريع على تشكيل لجنة مستقلة ومتفرغة للعمل على فحص سجلات العاملين بالجهاز الأمنى لفترة زمنية معينة.  تشتمل هذه الجهة على قضاة وقانونيين ومتخصصين فى العمل الشرطى وخبراء فى مجالات أخرى.  وتحدد اللجنة أولويات الفحص وأنواع القرارات الناتجة عنه.

 

الاختصاص والأهداف وأولويات الفحص

         الهدف من عملية فحص السجلات هو تقييم أداء رجال الأمن طبقا لمعيارين رئيسيين وهما الكفاءة (التعليم والخبرة والقدرات الفردية) والاستقامة (السلوك واللياقة والالتزام بحقوق الإنسان والاستقامة المالية)، واتخاذ قرارات متعلقة بإعادة تنظيم جهاز الشرطة على مستوى الضباط والأفراد بناء على هذا التقييم.   

         تحدد أولويات الفحص (نوعياً وجغرافياً) بناء على السياق السياسي والاجتماعي وعلى تقدير عملي للأوضاع داخل المنظومة الأمنية. وفي السياق المصري قد ترى اللجنة أن الأولوية القصوى هي فحص سجلات الضباط والأفراد العاملين بالمباحث الجنائية ومباحث أمن الدولة والأمن المركزي.  كما قد ترى اللجنة أن الأولوية هى للضباط الأعلى رتبة وللوظائف القيادية.

         تشكل لجنة فحص السجلات لجنة فرعية تضطلع بمهمة عمل “مسح” لأجهزة الأمن يعطي أدق صورة ممكنة عن هيكل الجهاز الأمني الخاضع للفحص وحجمه والتوصيف الوظيفي الدقيق للعاملين بالإدارات المختلفة وعلاقة الإدارات المختلفة ببعض وكيفية اتخاذ القرار وتوزيع المهام بين الإدارات، على أن تقوم هذه اللجنة الفرعية بعملها قبل أن تبدأ اللجنة في مهمة فحص واستعراض سجلات العاملين. وقد تستهلك هذه العملية بعض الوقت ولكنها ضرورية لأنها تساهم في بلورة تصور للهيكل التنظيمي الجديد للجهاز والتوصيف الوظيفي الجديد للعاملين بالجهاز مما من شأنه أن يرفع من مستوى الجهاز المهني. كما يجب أن ينتج عن هذا المسح تصور عن احتياجات وآليات الإحلال والتدريب للكوادر الجديدة، وآليات إعادة التأهيل للكوادر المستمرة.  فمن الممكن مثلا أن تقرر اللجنة بعد إجراء المسح أن أحد الأجهزة الأمنية أو إدارة بعينها بحاجة إلى الاستغناء عن نسبة معينة من مواردها البشرية (أو على العكس الاستزادة)، وهذه الأمور يجب أن تؤخذ في الاعتبار أثناء اتخاذ القرارات بعد تقييم العاملين، وقد تساعد
أيضا في تحديد أولويات الفحص كما ذكر سابقا.

 

آليات الفحص واتخاذ القرارات

         بعد انتهاء اللجنة الفرعية من عملية المسح، تصمم لجنة فحص السجلات تفاصيل عملية الفحص وتحدد أنواع الإجراءات التى سيتم اتخاذها مع الضباط والأفراد الخاضعين للتقييم (الاستبعاد، النقل الوظيفي أو الجغرافي، إعادة التدريب، الإبقاء، الترقية، تخفيض الرتبة).  ومن الممكن أيضا لقرارات اللجنة أن تتضمن الاستبعاد من العمل العام على الإطلاق وليس فقط من جهاز الشرطة، على أن تتخذ القرارات بشفافية كاملة وأن تتواصل اللجنة بصفة دورية مع المواطنين عن طريق نشرات دورية وعن طريق المتابعة البرلمانية لعمل اللجنة.

         تعتمد اللجنة في التقييم على ملفات العاملين الموجودة بوزارة الداخلية والمعلومات المتوفرة بأجهزة الدولة المختلفة، وترجع إلى سجلات المحاكم وتقارير المنظمات غير الحكومية والتقارير الإعلامية بالإضافة إلي تقارير لجان تقصى الحقائق.  كما تعتمد اللجنة على شهادات المواطنين وخاصة ضحايا الانتهاكات وأسرهم، وهو ما يستوجب أن تتواصل اللجنة مع المواطنين سواء الذين تعرضوا لانتهاكات من الأشخاص الخاضعين للتقييم أو المواطنين الذين لديهم معلومات مبنية على تجارب جمعتهم بالشخص الخاضع للتقييم في سياق العمل الشرطي. كما تعتمد اللجنة في التقييم أيضا على شهادات وجلسات الاستماع للشخص الخاضع للتقييم، ويجب على اللجنة أن توفر له  حقه كاملا في الاستماع واستعراض الأدلة التي قد تدعم موقفه في التقييم. 

         يجب على اللجنة أيضا أن تقوم بدراسة إمكانيات وآليات إعادة الإدماج في المجتمع للضباط والأفراد المستبعدين من الجهاز بعد عملية الفحص. ويحتفظ الشخص المستبعد من العمل بجهاز الشرطة أو من العمل العام بكافة الحقوق التي يكفلها القانون في حالة إنهاء الخدمة، ويضاف إلى ذلك ما تقره اللجنة من مساعدات أو غيرها كجزء من إجراءات إعادة الإدماج.


الطبيعة الإدارية لقرارات اللجنة

         تتعلق قرارات اللجنة فقط بالأهلية وباستمرارية العمل في جهاز الشرطة ولا تتعارض مع عمليات المساءلة الجنائية أو أي من آليات العدالة الجنائية أو الانتقالية الأخرى.

         قرارات اللجنة قرارات إدارية ولا تسمح عمليات فحص السجلات عادة بالاستئناف، وهذا لأن قرارات اللجنة لا تتعلق بالمساءلة الجنائية وإنما بالملاءمة، ولا تهدف إلى العقاب وإنما إلى إعادة تأهيل جهاز الشرطة بأكمله والانتقال به من حقبة إلى أخرى، كما أن اللجنة تعمل بصورة استثنائية وينتهي عملها بعد أن تقضي ولايتها.  ولكن من الممكن إنشاء آلية تسمح للشخص الخاضع للتقييم بالتظلم من قرارات اللجنة على أساس وجود مخالفة للقانون المؤسس للجنة أو خطأ في تطبيق القانون أو أي إخلال بالإجراءات المنظمة لعمل اللجنة، على أن تقوم بالنظر في التظلم لجنة مختلفة عن اللجنة التي أصدرت القرار.

         وبغض النظر عن المعايير القانونية المستخدمة في الإجراءات الجنائية، ونظرا للطبيعة الإدارية لقرارات لجنة فحص السجلات (سواء كانت بالاستبعاد أو غيره) فإن معيار “توازن الاحتمالات” يعتبر معيارا ملائما للإثبات ولاتخاذ القرارات.

 

 

الباب الثانى:
إجراءات الإصلاح المؤسسى

 

نقدم – فى هذه المبادرة – حزمة من المقترحات بإصلاحات مؤسسية وتغييرات هيكلية فى بنية وزارة الداخلية، ونسعى لإقامة حوار مجتمعى فعال حولها، وقد يكون من ضمن آليات هذا الحوار المجتمعى إقامة مؤتمرات علمية لمناقشة كافة جوانب هذا الموضوع، خاصة ولدينا فى مصر العديد من مراكز العلم ذات الصلة: كالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، ومركز الدراسات القضائية، ومركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، وأكاديمية الشرطة، وكليات الحقوق بكافة الجامعات المصرية.  والهدف هو مناقشة هذه التعديلات الهيكلية المقترحة والوصول إلى توافق مجتمعى حولها، بما يجعلها سياسة معتمدة لأية حكومة تتولى المسئولية.  وتنقسم الإجراءات المقترحة إلى ثلاثة أقسام:  إجراءات وتعديلات هيكلية للتطوير المؤسسى الداخلى؛ إجراءات لتحقيق الشفافية والرقابة والمحاسبة؛ وأخيراً برامج لتغيير الصورة الذهنية.  وفيما يلى المحاور الرئيسية للتطوير المقترح:

 

 

القسم الأول:  التطوير المؤسسى والإجراءات الهيكلية:

 


1.  مراجعة التوصيف الوظيفى لدور الشرطة فى المجتمع:

ندعو إلى علاج جذرى لما ينتاب التوصيف الوظيفى لدور الشرطة فى المجتمع من خلل جسيم، أدى الى تضخم هاجس الأمن الوقائى لدى الشرطة؛ وتراجع وتشوه أدائها فى مجال الأمن الجنائى المتعلق بالقبض على المحكوم عليهم الهاربين وجمع الاستدلالات المتعلقة بالجرائم وضبط المشتبه فيهم بارتكابها.  لذلك ندعو إلى تبنى حزمة من التعديلات التشريعية واسعة النطاق التى ترسخ بوضوح وجلاء حدود الدورين “الوقائى” و”الجنائى” لأجهزة الأمن فى المجتمع؛ كما ترسم الخطوط الحمراء التى لا ينبغى لرجال الأمن تجاوزها وتضع العقوبات الرادعة لتخطيها.

ففيما يخص الدور الوقائى للشرطة والمتعلق بمنع الجرائم قبل وقوعها عن طريق أعمال الحراسة والتأمين و الدوريات التى تنتشر فى الشوارع والطرقات ، نرى أن المشكلة الكبرى تتمثل فى تضخم هاجس الأمن الوقائى لدى أجهزة الأمن، بما يسفر عن ممارسة إجراءات تتجاوز أعمال الأمن والحراسة وتمتد إلى توسيع دائرة الاشتباه لتضم عدداً كبيراً من الناس بدون أى مبررات أمنية منطقية.  ولسكان المناطق الشعبية بمحافظات مصر المختلفة علم كبير بما نقصده من تضخم هاجس الأمن الوقائى والذى يتمثل فى الممارسات الآتية: قيام ضباط المباحث والمخبرين بالقبض على المواطنين للاشتباه لمجرد عدم حملهم لبطاقات تحقيق شخصية، أو لتواجدهم فى أوقات متأخرة من الليل بالطريق العام، أو لسابق اتهامهم فى قضايا رغم عدم إدانتهم فيها؛ كما يعلم كل المعارضين السياسيين مدى تغول هاجس الامن الوقائى السياسى إلى حد المراقبة غير القانونية للتليفونات والتحركات والاجتماعات الخ ؛ و كذلك للمواطن العادى كل الدراية بتضخم هاجس الأمن الوقائى كأحد الوجوه القبيحة لجهاز الأمن لكونه يؤدى إلى ترويع المواطنين دون مقتضى، وإلى تنمية الإحساس لدى الناس بالخوف – وليس الاطمئنان – لدى تواجد أجهزة الأمن فى الشارع، بدلاً من الشعور الطبيعى الذى يفترض الإحساس بالخوف عند غياب هذه الأجهزة.

أما بخصوص “الدور الجنائى” الذى يشير إلى القبض على المحكوم عليهم الهاربين وجمع الاستدلالات المتعلقة بالجرائم، وضبط المشتبه فيهم بارتكابها، فلقد تراجع الأداء الأمنى فى هذا المجال ؛ بحيث أصبحت الأحكام تصدر بينما المحكوم عليهم طلقاء أمام أعين الجميع، وتشوه هذا الأداء نتيجة خلط أجهزة الأمن بين دورها ودور النيابة العامة المختصة – دون غيرها – بالتحقيق فى الجرائم.  ومن هنا تأتى ممارسات أجهزة الأمن فى الضغط على المشتبه فيهم لاستنطاقهم، واحتجاز أعداد كبيرة من الأشخاص عند وقوع جريمة سرقة كبرى أو جريمة قتل، والضغط عليهم جسدياً ونفسياً لانتزاع أى معلومة، رغم كونها أمور تخرج عن نطاق إختصاص الشرطة من الأصل؛ لأنها بنص القانون ليست سلطة تحقيق وإنما سلطة جمع استدلالات تتعامل مع مشتبه فيهم وليس متهمون، بينما النيابة العامة هى سلطة التحقيق وسلطة الاتهام التى تقوم بتوجيه التهمة للمشتبه فيه و تقرر الإفراج عنه أو إحالته بوصفه متهماً إلى القضاء.

إذن، ثمة اختلال واضح فى التوصيف الوظيفى للدور “الوقائى” والدور “الجنائى” لأجهزة الأمن فى المجتمع؛ ومن الواضح أنه لا يمكن مواجهة ذلك إلا من خلال تعديلات تشريعية: تؤكد بجلاء ووضوح حدود تلك الأدوار وترسم الخطوط الحمراء التى لا ينبغى لها تجاوزها، وتضع عقوبات رادعة لمن يتجاوز دوره من رجال الأمن، سواء فى مجال الأمن الوقائى أو الجنائى.

2.  منصب وزير الداخلية:

ندعو إلى إسناد منصب وزير الداخلية إلى “وزير سياسى” من خارج هيئة الشرطة، وذلك لكى يتم التعامل مع القضايا الأمنية بمنظور مجتمعى وسياسى، يقيد وزارة الداخلية بأجندة المجتمع وأولوياته الأمنية، بدلاً من أن تفرض الوزارة رؤيتها وأولوياتها الأمنية على المجتمع.  فلقد درجت الدولة المصرية على إسناد منصب وزير الداخلية لكادر أمنى لتنفيذ أجندة سياسية ؛ وبالتالى حان الوقت للانقلاب على ذلك التقليد النابع من دهاليز الدولة البوليسية ؛ والمبادرة نحو إسناد منصب وزير الداخلية لكادر سياسى لتنفيذ أجندة أمنية . 

و نرى فى تحقيق هذا المطلب ما يساهم فى تحسين العلاقة المتوترة فى مصر بين الشرطة والشعب، لأن الوزير السياسى سيتعامل مع الشعب بمنطق المواطن الذى يرى عيوب الجهاز الامنى وسلبياته ويعتمد الحلول الكفيلة بإصلاحها، بعكس الوزير الأمنى الذى بحكم وجوده داخل جهاز الأمن فإن الكثير من السلبيات قد لا تثير انتباهه لكونها أصبحت جزء مألوف من روتين العمل الأمنى. كما أن الوزير السياسى سوف يوفر رؤية سياسية عريضة لإدارة العمل الأمنى؛ تخرج به من حيز الرؤية المهنية الضيقة المتحيزة للمؤسسة الأمنية أكثر من انحيازها للمجتمع.

وما نطالب به ليس بدعة، فتاريخ مصر قبل 23 يوليو 1952 حافل بالعديد من وزراء الداخلية السياسيين من غير رجال الأمن، و كذلك يجلس على مقعد وزارات الأمن أو الداخلية فى معظم الدول الديمقراطية وزراء سياسيين من غير رجال الأمن.

3.  نظام الشرطة المحلية:

ندعو إلى تحول جهاز الأمن من المركزية الشديدة إلى المحلية بحيث يكون لكل محافظة جهاز شرطتها الخاص، التابع للمحافظ تنفيذياً والتابع لوزارة الداخلية فنياً وإدارياً؛ مع تفعيل ذلك بتبنى نظام إنتخاب المحافظين، ليصبح مؤشر “الارتفاع بمستوى الخدمات الأمنية” أحد عناصر البرنامج الإنتخابى لتقييم المرشحين لمنصب المحافظ ، الأمر الذى يساهم فى تحفيز أى محافظ نحو توجيه جهاز الأمن لخدمة المواطنين وليس خدمة السلطة المركزية، مع السماح بوجود جهاز واحد فقط له اختصاص عام على مستوى الجمهورية؛ يتولى متابعة الظواهر الإجرامية التى تفوق قدرات أجهزة الشرطة المحلية.

ولقد شهدنا جميعا كيف أدت المركزية الشديدة فى ادارة الجهاز الأمنى الى تسخير الشرطة فى مهمة الحفاظ على النظام الحاكم فى العاصمة حتى 28 يناير 2011 ، ثم إلى الإخفاق الأمنى بعد ذلك وما استتبعه من اختفاء الشرطة عن الشارع المصرى وعلى صعيد الجمهورية بأكملها خلال الأسابيع الأولى للثورة ؛ الأمر الذى يؤكد بأن التحول بجهاز الأمن فى مصر من المركزية الشديدة إلى المحلية فى إتخاذ القرار والمساءلة سيرفع من كفاءة جهاز الشرطة ويحسن من علاقته بالمواطنين، فتتفرغ أجهزة الأمن للمشاكل الأمنية المحلية، بحيث تفرض كل محافظة أجندتها الأمنية من واقع المشكلات الأمنية القائمة بها، بدلاً من أن تفرض وزارة الداخلية أجندتها الأمنية على عموم الجمهورية رغم تمايز المشكلات الأمنية من محافظة إلى أخرى.

و كذلك نرى أن المركزية الشديدة تكمن وراء الشكوى العامة فى جميع المحافظات المصرية بشأن تراجع التواجد الأمنى فى الشارع، حيث أن عدم الاستقرار المكانى نتيجة حركة التنقلات العامة لضباط وأفراد الشرطة سنوياً من محافظة لأخرى ؛ يعد من أهم أسباب انخفاض عدد المتطوعين من الأفراد للعمل بجهاز الشرطة، كما أن الضباط أو الأفراد الذين يتم نقلهم إلى محافظات لا يقيمون بها يمارسون عملهم الأمنى باعتبارهم طارئين على هذه المحافظات وليس لهم مصلحة فى استتباب الأمن بها.

ولهذا نقترح دراسة جدية ومتكاملة لنظام الشرطة المحلية التى تتبع المحافظ تنفيذياً، وتتبع وزارة الداخلية إدارياً وفنياً، بما يضمن تعيين ضباط وأفراد شرطة فى ذات المحافظات المقيمين بها، ويكفل تحقيق استقرار مكانى وتكوين مصلحة لدى رجال الأمن تحفزهم على تحقيق الأمن فى موطنهم الأصلى، مع استيفاء كافة التدابير والإجراءات الاحترازية لضمان عدم محاباة العاملين بالشرطة المحلية لمن يقيم فى دائرة عملهم من عائلاتهم وأصدقائهم .

4.  إلغاء نظام ندب المجندين بالقوات المسلحة لأداء التجنيد بوزارة الداخلية:

ندعو إلى إلغاء نظام ندب المجندين من القوات المسلحة لأداء التجنيد فى أجهزة وزارة الداخلية، واقتصار الالتحاق بوزارة الداخلية على التعيين فقط، بحيث يقتصر الصف الثانى بوزارة الداخلية على الأفراد الشرطيين الذين قبلوا باختيارهم الخاص الانخراط فى مهنة الأمن. حيث ان النظام الحالى يؤدى إلى ترسيخ الصفة العسكرية لجهاز الشرطة بالمخالفة للدستور ومواثيق منظمة العمل الدولية ومبادئ حقوق الانسان .

لتحقيق ذلك يجب اتخاذ الإجراءات التالية:

أ.  إلغاء قرار وزير الدفاع رقم 31 لسنة 1981م الذى يعتبر وزارة الداخلية من الهيئات ذات الطابع العسكرى التى يجوز أداء الخدمة العسكرية بها .

ب.  إلغاء المادة رقم 2 فقرة ( ب ) من قانون الخدمة العسكرية والوطنية ؛ التى تسمح بندب المجندين من القوات المسلحة إلى وزارة الداخلية لأداء الخدمة العسكرية .

 

5.  إلغاء قطاع الامن المركزى وقطاع قوات الأمن واستبدالهما بتشكيلات للتدخل السريع وفض الشغب:

ندعو إلى إلغاء قطاع الأمن المركزى وقطاع قوات الأمن، واستبدالهما بتشكيلات لمكافحة الشغب والتدخل السريع، على أن يتم توزيع هذه التشكيلات لامركزياً ؛ بحيث تكون ملحقة بدائرة كل قسم من أقسام الشرطة على مستوى الجمهورية ؛ وتكون قوتها البشرية من أفراد الشرطة المدربين على مستوى عال.  وتتمثل المهمة الأساسية لهذه التشكيلات فى الانتقال صحبة مأموريات القبض على الخطرين ومداهمة الأوكار الإجرامية ومناطق الاتجار فى المخدرات وزراعتها وتصنيعها؛ وفض المشاجرات الكبيرة.  على أن يتم تخصيص مجموعة بكل تشكيل من هذه التشكيلات لمكافحة أعمال الشغب؛ وتدريب أفرادها على تأمين التجمعات والتظاهرات وليس منعها أو حصارها؛ ويتم تقييد رخصة هذه المجموعات فى استخدام القوة؛ من خلال تعديل القوانين واللوائح المنظمة لاستخدام العنف، وبشكل خاص القواعد المنظمة لاستخدام الأسلحة النارية؛ على أن يكون استخدام العنف كحل أخير وفى حالة الضرورة القصوى فقط، وبطريقة تتناسب مع خطورة الهدف المشروع المراد تحقيقه.

 

6- فصل قطاع الأمن الوطنى عن وزارة الداخلية:

 
يجب فصل قطاع الأمن الوطنى عن وزارة الداخلية؛ حيث ثبت من واقع الممارسات السابقة أن استمرار هذا الجهاز داخل جسد وزارة الداخلية يؤدى إلى الانحراف بمهمة الوزارة؛ فتستمر فى تغليب الاهتمام بالأمن السياسى على حساب الأمن الجنائى؛ ومن ثم تستمر فى تجنيد معظم إمكانيات جهاز الشرطة لحماية أمن النظام على حساب أمن المواطنين.  وبالتالى، ونظراً لأن مهمة هذا الجهاز هى فى إطار الحفاظ على الأمن القومى المصرى، لذلك يمكن تأسيسه كهيئة مستقلة أو إلحاقه بالمنظومة المتعهدة بالأمن القومى.  ذلك أن تحوصل هذا الجهاز داخل وزارة الداخلية أدى فى السابق – وسوف يؤدى فى المستقبل فى حالة استمراره – إلى :

*   إمكانية تحكم الجهاز فى كافة إدارات الوزارة وتحريكها لحساب رؤيته للأمن القومى، حتى ولو على حساب أمن المواطن، الذى هو المهمة الأساسية للوزارة.

*       عدم وضوح حدود صلاحيات الجهاز، والمسئوليات المقابلة لهذه الصلاحيات.

*       عدم خضوع أعمال الجهاز للرقابة البرلمانية المباشرة.

*       عدم وضوح الموارد المالية المخصصة للجهاز، وصعوبة الرقابة عليها.

إن فصل جهاز أمن الدولة خارج حدود وزارة الداخلية يحمى الوزارة – ويحمى مهمتها الأساسية – من استقواء واجتراء هذا الجهاز، بينما يسمح بوجود تعاون بين جهاز أمن الدولة وبين أجهزة الوزارة، فى الموضوعات التى تتطلب هذا التعاون، ومن خلال اتصالات رسمية موثقة بين جهات، لكل منها حدوده القانونية، وكل منها يخضع للمحاسبة على أدائه وعلى ما يصدر عنه من اتصالات ومعلومات وإجراءات. 

7- تغيير طبيعة الإدارة العامة للانتخابات بوزارة الداخلية:

 
ندعو إلى تغيير مسمى هذه الإدارة بوزارة الداخلية إلى “إدارة تأمين الانتخابات والاستفتاءات”؛ استجابة لنصوص الدستور؛ بحيث يناط بها التنسيق مع اللجنة العليا للانتخابات – ومن بعدها المفوضية الوطنية للانتخابات – بشأن متطلبات تأمين العملية الانتخابية فى المقرات واللجان الانتخابية بمعرفة قوات الشرطة، على أن تخضع هذه القوات لإشراف رؤساء اللجان من القضاة.

 

8.  معالجة التضخم التنظيمى لوزارة الداخلية:

يتميز التاريخ المبكر لوزارة الداخلية، منذ بدء تنظيم الوزارات المصرية (وزارة نوبار باشا 1878 والتى اشتملت على 8 نظارات فقط منها نظارة الداخلية) بأنه – مع تطور المجتمع والدولة وتعقدهما – يتوالى انفصال وظائف ومهام كانت تتولاها إدارات داخل وزارة الداخلية، فتخرج وتتأسس فى وزارات مستقلة.  مثال على ذلك وزارة الزراعة (1913)، وزارة المواصلات (1919)، وزارة الصحة (1936) وأصلها مصلحة الصحة العمومية بوزارة الداخلية، وزارة الشئون البلدية والقروية (1952) والتى تطورت بعد ذلك إلى وزارة التنمية المحلية وأصلها إدارة البلديات والأقاليم بوزارة الداخلية.

أما فى المرحلة التالية فقد توقفت عملية التطور الطبيعى هذه، بل أنه – فى إطار تثبيت أركان الدولة البوليسية – أخذت وزارة الداخلية تمد أذرع أمنية لها داخل العديد من مرافق الدولة، مما أدى إلى التضخم التنظيمى للوزارة واستنزاف مواردها والتأثير بالسلب على كفاءة أدائها لمهامها الأمنية الأساسية. 

 
ومن ثم – وفى إطار العودة إلى مسار التطور الطبيعى لوزارة الداخلية قبل مرحلة الدولة البوليسية – فإنه يجب إعادة صياغة الهيكل التنظيمى للوزارة بما يقلص من هذا التضخم، ويساهم فى توجيه الموارد البشرية والمالية لتصب فى مجال أعمال الأمن العام؛ أما المهام والوظائف غير الأمنية، فيجب أن تنفصل عن هذه الوزارة.  وهناك اقتراحان: إما أن تنقسم الوزارة إلى وزارتين؛ إحداهما للأمن والأخرى للشئون الداخلية غير الأمنية، أو أن يتم توزيع الوظائف غير الأمنية على وزارات أخرى مناسبة، فعلى سبيل المثال:
 

‌أ-          تنظيم حج القرعة (قد يكون من المناسب إلحاقه بوزارة الأوقاف).

‌ب-       مصلحة الأحوال المدنية (قد يكون من المناسب إلحاقها بوزارة العدل).

‌ج-        استخراج تصاريح العمل بالخارج (قد يكون من المناسب إلحاقها بوزارة القوى العاملة).

‌د-         مصلحة الجوازات والهجرة والجنسية (قد يكون من المناسب إلحاقها بوزارة الخارجية).

‌ه-    المرور (قد يكون من المناسب أن يتم إلحاق وحدات استخراج تراخيص السيارات وتراخيص قيادتها ولجان الفحص الفنى بالأجهزة التنفيذية للمحافظات؛ ويقتصر دور وزارة الداخلية على أعمال تنظيم حركة المرور وتنفيذ ضوابط وقواعد قانون المرور فى الطريق العام).

‌و-    مصلحة السجون (قد يكون من المناسب إلحاقها بوزارة العدل، وذلك لفصل جهات الضبط عن مؤسسات تنفيذ العقوبات، وبحيث يتولى منصب مديرى السجون حقوقيون من خارج جهاز الشرطة.  ويتم إنشاء تخصص داخل كليات ومعاهد الشرطة لأعمال تأمين السجون، بحيث يتم تعيين الضباط والأفراد الحاملين لهذا التخصص فى وزارة العدل لتأمين السجون وتأمين مقرات المحاكم والنيابات، بينما يتولى كل الأعمال غير الأمنية داخل السجون موظفين تابعين لوزارة العدل من خارج الشرطة.  ويكون لوزير العدل نفس الاختصاصات الفنية والإدارية المقررة لوزير الداخلية على ضباط وأفراد الشرطة التابعين لوزارة العدل، ويخضع هؤلاء الضباط والأفراد فيما يتعلق بأعمال وظائفهم لقانون الشرطة وقانون السجون.  كما ينشأ قطاع للإشراف الطبى على أماكن الاحتجاز ومستشفيات السجون، ويلحق بوزارة الصحة).

 

كما يجب إعادة النظر فى نظام وإدارات الشرطة المتخصصة بما يحقق أعلى مستويات الأمن فى كافة المجالات والأماكن، وبما يحقق العدالة الوظيفية بين أفراد وضباط الشرطة

9.  تقليص الدور الأمنى فى الترخيص والتصريح بالأنشطة المدنية المختلفة:

ندعو إلى العلاج الجذرى لتوغل الدور الأمنى فى مجالات النشاط الوظيفى والأهلى المختلفة.  فعلى سبيل المثال لا الحصر، يجب منع التدخل الأمنى فى المجال الإعلامى والثقافى، وإلغاء الموافقات الأمنية فيما يتعلق بالتعيين أو التوظيف بالمصالح الحكومية المختلفة، أو التدخل الأمنى فى أنشطتها ؛ مع تجريم طلب الموافقات الأمنية فى غير ما نص عليه القانون صراحة.

 

10.  التعديل الجذرى لنظام الدراسة بكليات الشرطة ومعاهدها:

ندعو إلى التعديل الجذرى لنظام الدراسة بكليات الشرطة ومعاهدها بما يكرس الطبيعة المدنية والخدمية  للجهاز ويرفع من كفاءته ويستأصل منه الصبغة العسكرية أو شبه العسكرية، وذلك على المحاور الآتية:

‌أ.   من العبث أن تمتد الدراسة بكلية الشرطة إلى أربعة سنوات لتمنح طلابها درجة ليسانس الحقوق بينما توجد عشرات من كليات الحقوق فى ربوع الجمهورية، وبالتالى ندعو إلى تعديل نظام الدراسة بكليات الشرطة بحيث يقتصر القبول على خريجى كليات الحقوق، وليس الحاصلين على شهادة الثانوية العامة، ويقتصر المنهج على دراسة العلوم والتدريبات والمهارات المرتبطة بالعمل الأمنى والشرطى، خلال عام دراسى أو أكثر ؛ ينقسم إلى فترتين : فترة تدريب أساسى ؛ ثم فترة تدريب تخصصى ( مرور – شرطة سرية – شرطة نظامية – دفاع مدنى  .. الخ ) ، فيتخرج منها الضباط كل في مجال تخصص يظل يعمل به طوال مدة خدمته ، الأمر الذى يساهم فى بناء خبرة تراكمية فى التخصصات الأمنية المتعددة ، مع تنظيم دورات تدريبية بعد الإلتحاق بالعمل يرتبط الترقى باجتيازها.

‌ب. لم يعد مقبولاً الاقتصار على وجود كلية واحدة للشرطة بالقاهرة يلتحق بها الطلاب القادمين من كل محافظات مصر.  ولذلك ندعو إلى إنشاء عدد من كليات الشرطة المحلية على مستوى المناطق الإقليمية، أو على مستوى كل محافظة، بحيث تتولى تلك الكليات – بما تضمه من معاهد – تخريج العاملين بجهاز الأمن من ضباط وأفراد ؛ بما يلبى الاحتياجات الأمنية فى كل محافظة أو إقليم؛ ويساعد على التركيز فى دراسة المهارات التى تتفق وطبيعة المشكلات الأمنية المحلية .

‌ج.  فى سبيل الحفاظ على الطبيعة المدنية لجهاز الشرطة ندعو إلى إلغاء نظام الإقامة الداخلية بكليات الشرطة لتصبح مثل باقى الكليات العادية، يتوجه إليها الطلاب لتلقى الدراسة ويقيمون فى منازلهم أو فى المدن الجامعية مع باقى طلاب الكليات الأخرى ، بدلا من عسكرة كلية الشرطة كما هو الحال اليوم، والذى كان له أكبر الأثر فى فصل جهاز الشرطة عن المجتمع.  فإذا كان مطلوباً أن يتم إعداد طلاب الكليات العسكرية التابعة للقوات المسلحة بما يعزلهم عن المجتمع المدنى، حيث أن عملهم بالمعسكرات وجبهات القتال يقتضى ذلك، فإن طبيعة العمل بجهاز الأمن تقتضى العكس، فمجال عمل رجل الأمن هو المجتمع وليس جبهات القتال.

‌د.   لابد من إلغاء كافة مواد القوانين التى تؤدى إلى عسكرة كلية الشرطة؛ بما يفتح الباب للتربية المدنية لضباط وأفراد الشرطة… وفى مقدمتها إلغاء المادة رقم 14 من قانون أكاديمية الشرطة التى تنص على أنه “يخضع طلبة كلية الشرطة لقانون الأحكام العسكرية .. ويتولى تأديبهم ومحاكمتهم محكمة عسكرية”. وإلغاء عبارة ” التدريب العسكرى” الواردة فى المادتين رقمى 20 و 25 من قانون أكاديمية الشرطة .

‌ه.   ضمان عدم التمييز في الالتحاق بكليات الشرطة، وذلك بإلغاء شرط كشف الهيئة والاكتفاء بالصحيفة الجنائية، وإلغاء أى سياسات أو إجراءات تمييزية غير دستورية تؤدى إلى استبعاد فئات معينة أو تمكين فئات أخرى من الالتحاق بهذه الكليات .  والغرض هو تمثيل أفضل لفئات الشعب في جهاز الشرطة ، بما يجعل جهاز الشرطة أقرب للمجتمع الذي يخدمه.

11.  تحسين الاحوال الوظيفية للعاملين بالشرطة:

ندعو إلى تبنى حزمة من الإصلاحات الضامنة لرفع ملكات التدريب والتأهيل والعمل بالشرطة، وتحسين الأحوال الوظيفية والمعيشية لجميع العاملين بها من موظفين وأفراد وضباط، من خلال:

‌أ.   مراجعة وتعديل هيكل الأجور ونظم الحوافز لجميع ضباط وأفراد الشرطة بما يحقق الكرامة والعدالة والمظهر الحضارى اللائق بهيبة أفراد الشرطة، وبما يضمن تنزيه العمل الأمنى من مسببات الفساد المالى والسياسى.  وعلى رأس محاور هذه المراجعة: إعادة توزيع الثروة داخل جهاز الشرطة بوضع حد أعلى للأجور ورفع الأجور المنخفضة بشكل كبير.  وكذلك توحيد المرتبات على مستوى الرتبة والأقدمية، وإلغاء التمييز فى المرتبات بين الإدارات المختلفة، إلا فيما يختص بالاختلافات الموضوعية لطبيعة العمل.

‌ب. إنشاء نقابة تدافع عن حقوق العاملين بالشرطة فى مواجهة وزارة الداخلية بما يصب فى مصلحة العملية الأمنية ككل، إيماناً بأن ضابط أو فرد الشرطة الذى تسانده نقابة للدفاع عن حقوقه لن يجد نفسه مرغماً على تنفيذ أية تعليمات تخالف الدستور والقانون؛ لأنه يعلم أنه لن يقف منفرداً فى مواجهة وزارة الداخلية حال مساءلته أو محاولة التضييق عليه. فضلاً عن صعوبة إدخال تعديلات متتالية ومرحلية على قانون الشرطة بصورة تلبى متطلبات رجال الشرطة إلا إذا تم ذلك من خلال نقابة تدافع عن حقوقهم وتنظم واجباتهم.  علماً بأن الدستور يكفل حرية إنشاء النقابات بدون أى استثناء لأى فئة من فئات المجتمع ؛ بموجب نص المادة رقم ( 52 ) التى تنص على أن  “حرية إنشاء النقابات والاتحادات والتعاونيات مكفولة. وتكون لها الشخصية الاعتبارية، وتقوم على أساس ديمقراطى، وتمارس نشاطها بحرية، وتشارك فى خدمة المجتمع وفى رفع مستوى الكفاءة بين أعضائها والدفاع عن حقوقهم. ولا يجوز للسلطات حلها أو حل مجالس إدارتها إلا بحكم قضائى”.

‌ج.  فيما يختص بتصويت الشرطة فى الانتخابات: انطلاقا من نظر المحكمة الدستورية العليا للدعوى رقم 235 لسنة 31 قضائية دستورية المقامة من كل من العقيد دكتور محمد محفوظ والأستاذ حسام محفوظ المحامى بالنقض ؛ بشأن طلب الحكم بعدم دستورية منع ضباط وأفراد الشرطة من التصويت الانتخابى ؛ فقد ارتأى أعضاء المبادرة ترك أمر الفصل فى أحقية ضباط وأفراد الشرطة فى التصويت الانتخابى لعدالة المحكمة الدستورية العليا؛ وذلك حتى لا يتم النظر إلى المطالبة بهذا الحق بأى قدر من الارتياب فى ظل العلاقة المتوترة حالياً ما بين الشرطة والشعب.

‌د.   تعديل المادتين رقمى 19 و 71  من قانون الشرطة اللتين تم بموجبهما إقرار نظام (الترقى بالاختيار)؛ بحيث أصبحت الخدمة اعتباراً من رتبة (العقيد) لمدة سنتين ويجوز مدها لمرة واحدة أو أكثر أو إنهاء الخدمة ؛ وبحيث تكون الخدمة فى كل من : رتبة ( العميد ) ورتبة ( اللواء ) بالاختيار لمدة سنة واحدة يجوز مدها لمرة واحدة أو أكثر ؛ ومن لم يشمله الاختيار تتم إحالته إلى التقاعد . ويبقى فى الخدمة من الضباط إلى سن الـ ( 60 ) من يعين فى وظيفة مساعد أو مساعد أول وزير الداخلية . ويعد ” نظام الترقى بالاختيار ” بمثابة سيف مسلط على رقبة الضباط لكى يرضخوا للتعليمات أو نظم التشغيل مهما كانت تعسفية أو تخالف القانون، خوفاً من الخروج إلى المعاش المبكر، الأمر الذى يجعل ضابط الشرطة – وهو فى منتصف الأربعينات من عمره – مطالب بأن يبدأ حياة وظيفية جديدة . ومن ثم ينبغى أن تمتد الخدمة داخل جهاز الشرطة كباقى أجهزة الدولة حتى سن الـ 60 لتوفير الأمان والاستقرار الوظيفى ؛ بما ينعكس على كفاءة العمل الأمنى .

‌ه.   إقرار مبدأ عدم التمييز فى الخدمات الصحية والاجتماعية بين العاملين فى الشرطة من امناء وضباط وموظفين، مع العمل على تمتع الجميع بمستوى عال من الخدمات.

‌و.     ندعو ضباط وأفراد الشرطة للمبادرة بوضع ميثاق شرف جديد لعمل جهاز الشرطة، عقب تقنين حقهم فى التنظيم النقابى .

12.  رفع كفاءة العمل الشرطى وتبنى التقنيات الخدمية الحديثة: 

ندعو إلى رفع الكفاءة المهنية للشرطة فى القيام بدوريها الوقائى والجنائى، من خلال اعتماد الأساليب العلمية المتقدمة فى جمع الأدلة والاستدلالات وتحليلها والتعامل مع مسرح الجريمة؛ وتوفير الوسائل التكنولوجية والدورات التدريبية لذلك، على اعتبار أن خروقات الشرطة وشططها قبل الثورة يمكن تفسير بعضه بسوء التدريب وعدم إلمام الكثير من الضباط بغير وسائل البطش للقيام بمهام عملهم.  كما ندعو إلى تحديث أقسام الشرطة بما يليق وكرامة العاملين بها ويرفع من فخرهم بالانتماء المهنى، وإمدادها بالتجهيزات التقنية الحديثة بما يرفع كفاءة العمل المكتبى ويضمن الرقابة على مستوى اداء الشرطة الخدمى، ومن أهم الأمثلة لذلك تجهيز سيارات النجدة والمرور والأكمنة الثابتة والمتحركة وأماكن التعامل مع الجمهور وأماكن الاحتجاز فى أقسام الشرطة بكاميرات للمراقبة والتسجيل، وذلك لضمان حماية عناصر الشرطة ومحاسبتهم فى ذات الوقت؛ وتجهيز كافة الأقسام بأجهزة كمبيوتر لكتابة وتسجيل المحاضر… إلخ.  كما ندعو إلى تفعيل المؤتمرات وتبادل الخبرات والزيارات الميدانية مع الجهات الأمنية الأجنبية والإفادة القصوى من خبراتها بتقارير يقدمها الضباط، على أن تقتصر الزيارات الخارجية على الضباط الشبان وحتى رتبة رائد


 

القسم الثانى:  آليات الشفافية والرقابة والمحاسبة:

 

 

لكى تنضبط علاقة الشرطة بالشعب وتصبح فعلاً “شرطة لشعب مصر” يجب إخضاع الشرطة لرقابة الشعب ومحاسبته، من خلال أجهزة الدولة التى تمثل سلطات الشعب التشريعية والقضائية، وكذلك من خلال المجتمع المدنى والتنظيمات المحلية.  ويجب أن تشمل هذه الرقابة:

·        الرقابة على الأداء، والمحاسبة على التقصير فيه

·        الرقابة على الالتزام بالقانون، والمحاسبة على انتهاكه

·   الرقابة المالية، بما يشمل الكشف عن مخصصات الأمن فى الموازنة العامة للدولة، ومراقبة أوجه إنفاق تلك المخصصات.

 

فى هذا الإطار ندعو إلى الإجراءات الآتية:

 
 

1-  مؤشرات الحالة الأمنية:

 
إعداد واعتماد حزمة من “مؤشرات الحالة الأمنية”، التى تعطى تقييماً رقمياً موضوعياً للحالة الأمنية موزعة جغرافياً (مثلاً على مستوى المحافظة والمركز) وموزعة نوعياً (على أنواع الجرائم ومجالات الأمن المختلفة)
ويجب ترتيب واعتماد آلية قومية للقياس والتقييم الموضوعى الدورى (شهرياً على الأقل) لعناصر هذه المؤشرات، وهى آلية يجب أن تتعاون فيها وزارة الداخلية مع أجهزة الإحصاء والمعلومات (الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء – مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء) ومع منظمات المجتمع المدنى وغيرها من المنظمات المعنية.
يتم نشر هذه المؤشرات شهرياً، وتعتبر المقياس الرئيسى لمستوى أداء الأجهزة الأمنية.


2-  تفعيل خطوط تليفون النجدة، وإعلانها بوضوح، وإخضاعها للتسجيل وللرقابة:

نطالب السيد وزير الداخلية بالإعلان بوضوح عن أرقام تليفونات تلقى البلاغات ( الاستغاثة – الإبلاغ عن مخالفات – الإبلاغ عن انتهاكات الشرطة…)  وضمان كفاءة وفاعلية هذه الخطوط من خلال:

*       تخصيص عدد كافٍ من الخطوط لضمان كفايتها فى جميع المحافظات.

*       تخصيص عدد كافٍ من العاملين لاستقبال المكالمات.

*       اعتماد نظام لتسجيل كافة المكالمات، وإخضاع هذه التسجيلات للمراجعة الدورية، ومقارنتها بما تم من استجابات.

*   الاحتفاظ بهذه التسجيلات والرجوع إليها فى حالة شكوى المواطنين من التقصير أو التباطؤ فى الاستجابة للبلاغات، وإتاحتها للجهات الرقابية والقضائية.

 

3-  إرساء آليات لمساءلة كل مسئول أمنى عن أى خطأ مهنى أو قصور أمنى فى المنطقة الخاضعة لمسئوليته:

ندعو السيد النائب العام إلى تفعيل المادة 22 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 124 من قانون العقوبات، فى حالة حدوث أى إخلال بالأمن، مع اشتباه وجود خطأ مهنى أو تقصير من ضباط أو أفراد الأمن بنقطة الشرطة أو قسم الشرطة الواقعة بدائرته هذه الأحداث.

كما نطالب السيد وزير الداخلية بتفعيل آليات وقواعد جادة لمساءلة ومحاسبة المسئولين عن الأمن فى أية منطقة تشهد خللاً أمنياً.

 

 

4-  تفعيل الرقابة القضائية على أعمال الشرطة:

نطالب السيد النائب العام – فى إطار تفعيل المادة 22 من قانون الإجراءات الجنائية – بمباشرة عمليات التفتيش على أعمال مأمورى الضبط القضائى وأماكن الاحتجاز بمعدلات مرتفعة.  كما نطالب سيادته بالتوجيه بمصادرة أية أدوات تستخدم فى التعذيب يتم العثور عليها أثناء عمليات التفتيش هذه، مع الإعلان عن ذلك.

كما نطالب السيد النائب العام بتخصيص قناة اتصال سهلة ـ والإعلان عنها ـ لاستقبال بلاغات وشكاوى المواطنين الخاصة بمخالفات وتجاوزات أجهزة الأمن.  على أن يتم التعامل مع هذه البلاغات بالجدية المناسبة، وألا يتم إلقاء عبء إثبات التجاوز على مقدم البلاغ.

 

5-  تفعيل الرقابة المجتمعية على أعمال الشرطة:

 
‌أ.  
نطالب السيد وزير الداخلية بالسماح لممثلى منظمات المجتمع المدنى ( نقابة المحامين – نقابة الأطباء – المنظمات الحقوقية ـ الجمعيات الأهلية المشهرة… إلخ ) بالدخول إلى مقار الشرطة فى أى وقت، وبدون سابق إخطار، وتفقد أماكن الاحتجاز وأحوال المحتجزين بها، والحصول على المعلومات التى يطلبونها.

 

‌ب. ندعو منظمات المجتمع المدنى المعنية إلى تخصيص قنوات اتصال للإبلاغ عن أى انتهاكات يقوم بها ضباط أو أفراد الشرطة.

 

‌ج.  ندعو جميع المواطنين – عند حدوث حالة تقصير أو تقاعس أمنى – للمبادرة بإبلاغ  النيابة العامة بشأن تقصير مسئولى نقطة الشرطة أو قسم الشرطة المختص بالتصدى للواقعة، حتى تقوم النيابة العامة بدورها فى التحقيق ومحاسبة المقصرين فى ضوء المادة 124 من قانون العقوبات والمادة 22 من قانون الإجراءات الجنائية.

 

6- إنشاء الهيئة القومية للوقاية من التعذيب والمعاملة القاسية والمهينة:

تنشأ هيئة للوقاية من التعذيب والمعاملة القاسية والمهينة، تسمي “الهيئة القومية للوقاية من التعذيب”، وتتشكل من شخصيات قانونية وحقوقية ومتخصصين فى حقوق الإنسان والقانون الجنائي، وأطباء بما فيهم أطباء نفسيين وأطباء شرعيين، ومندوبين عن منظمات المجتمع المدني، واخصائيين اجتماعيين.

ولا يجوز للهيئة أن تضم فى عضويتها أيا من العاملين بمنظومة العدالة الجنائية (وتشمل جميع هيئات القضاء والشرطة والسجون)، أو أي ممثل للسلطة التنفيذية.

ويصدر بتشكيلها قرار من رئيس مجلس الوزراء بعد موافقة لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشعب والتى يتعين عليها إجراء مشاورات مع منظمات حقوق الإنسان ومراكز إعادة تأهيل الضحايا والخبراء المتخصصين فى المجالات ذات الصلة الوثيقة، ويقرر مجلس الشعب دورة العضوية لأعضاء الهيئة، على ألا تزيد عن خمس سنوات.

 يكون للهيئة القومية للوقاية من التعذيب ميزانية مستقلة يقرها مجلس الشعب تجدد سنويا ًوفقا للخطة التى تقدمها الهيئة، وتضع الهيئة معايير وقواعد العمل بها على أنه يتعين عليها أن يراعي فى فرق التفتيش على مقار الاحتجاز أن يضمن تشكيلها التنوع الوظيفي فى الهيئة.

ـ تختص الهيئة القومية للوقاية من التعذيب بوضع السياسات العامة للوقاية ومكافحة كافة أشكال التعذيب والمعاملة المهينة للمواطنين المصريين، وتعاون مجلس الشعب وغيره من السلطات فى الرقابة على الأجهزة الأمنية ولها فى سبيل ذلك القيام بالأتي:

·   القيام بزيارات دورية معلنة وغير معلنة لأقسام الشرطة وأماكن الاحتجاز الخاضعة لأي من الأجهزة الأمنية أو التنفيذية، ومقابلة جميع الأشخاص الذين تريد مقابلتهم من مسئولين ومحتجزين، ولها الحق في إجراء المقابلات في خصوصية ودون وجود شهود، وتقديم التوصيات والتقارير عن الأوضاع في الأماكن المشار إليها.  تقوم اللجنة بعمل تحليل مستقل لنظام الاحتجاز، وتسعى للردع الذي ينطلق من احتمالات كشف الانتهاكات والممارسات السلبية.

·   تقديم توصياتها إلى السلطات المعنية بغرض تحسين معاملة وأوضاع الأشخاص المحرومين من حريتهم ومنع التعذيب والمعاملة المهينة.  وتوفير المساعدة للسلطات المعنية بشأن تدابير تنفيذ التوصيات وتطوير نظام الاحتجاز.

·   رفع التقارير الربع سنوية عن أماكن الاحتجاز التي خضعت للتفتيش إلى لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، وتتضمن التوصيات المقدمة للسلطات التنفيذية والتقارير الفرعية عن متابعة تنفيذ التوصيات.

·        زيارة أي مكان أو بناء حيث يوجد شك في وجود شخص محتجز بشكل غير قانوني.

·        تلقي الشكاوي من منظمات حقوق الإنسان أو من المواطنين المتعلقة بالتعذيب أو المعاملة اللانسانية أو المهينة.

·        رفع التوصيات لإجراء تعديلات تشريعية لضمان الوقاية من التعذيب أو المعاملة اللاإنسانية.

·   تمتلك اللجنة صلاحية الحصول على كافة المعلومات المطلوبة لمباشرة عملها، وتشمل سجلات السجون والجداول والبيانات بالإضافة إلى السجلات الطبية ومعلومات عن التدابير الصحية والسجلات التأديبية والانضباطية.

 

7- إنشاء اللجنة المستقلة للتحقيق في وقائع الوفيات والإصابات البالغة على يد رجال الشرطة:

من أساسيات الرقابة على أجهزة الشرطة فى الدول الديمقراطية وجود جهاز مستقل للتحقيق في حالات الوفيات والإصابات التي تحدث للمواطنين في سياق عمل الشرطة.  تتشكل اللجنة من أعضاء مستقلين عن أجهزة الدولة القضائية والتنفيذية والتشريعية وخبراء في القانون الجنائي والطب الشرعي والأدلة الجنائية.  تختص اللجنة بالتحقيق في حالات الوفاة أو الإصابة البالغة التي تحدث في سياق مكافحة الجريمة وفي كمائن الشرطة وفي المطاردات التي استخدمت فيها عربات الشرطة والحالات التي نتجت عن الاستهداف المباشر بالأعيرة النارية أو حالات الاشتباك بالأيدي وبالعصي وفي حالات المطاردات أو المداهمات للأماكن المبلغ عنها ولأوكار الجريمة، بالإضافة إلى أماكن الاحتجاز وأقسام الشرطة والأماكن الأخرى التابعة لإشراف الشرطة.  وهدف التحقيق هو التأكد من مدى قانونية استخدام القوة في الحالات التي أفضت إلي الموت أو الإصابة.  ولا تقوم اللجنة بالتحقيق فقط في حالة وجود شبهة جنائية وإنما في أي حالة وفاة أو إصابة بالغة وقعت في سياق التعامل مع رجال الشرطة، ويهدف هذا إلى ضمان عمل الشرطة في إطار احترام القوانين واستخدام القوة الضرورية والمتناسبة.

 

سلطات اللجنة: في جميع الأحوال يجب على إدارة التفتيش في وزارة الداخلية أن تقوم بتحقيق داخلي في كل حالة تستخدم فيها الأعيرة النارية في سياق العمل الشرطي سواء نتج عنها إصابة أو وفاة أو لم ينتج. ويعتبر هذا إجراءً روتينياً فى أجهزة الشرطة الديمقراطية والتى تعتبر أن استخدام الشرطة للأعيرة النارية هو ظرف استثنائى للغاية.  أما حالات الوفاة أو الإصابة البالغة الناتجة عن استخدام الشرطة للقوة عموماً – وليس فقط للأعيرة النارية – فتضطلع بالتحقيق فيها اللجنة المستقلة بالتعاون مع النيابة العامة.  وعلى هذا الأساس فيتوجب على جهاز الشرطة أن يحيل أي حالة وفاة أو إصابة بالغة نتجت عن تعامل الشرطة إلي اللجنة المستقلة, كما ينبغي عليها أن تبلغ اللجنة بكل حالة وفاة أثناء الاحتجاز بغض النظر عن وجود أو غياب شبهة تعذيب أو سوء معاملة.  وتقوم اللجنة بعمل تحقيق مبدئي، ثم تقرر ما إذا كانت الحالة تستدعي تحقيق موسع وتستطيع في هذه الحالة أن تبدأ في القيام بالتحقيقات بنفسها أو أن تحيل القضية إلي النيابة. من سلطات اللجنة أيضا تلقي الشكاوي من المواطنين بشأن حالات الوفاة أو الإصابة البالغة والتحقيق فيها في حالة أن انطبق عليها التعريف والمعايير المبينة أعلاه.

 

ويجب أن تحصل اللجنة على صلاحيات التحقيق كاملة، أي أن تملك  صلاحيات المحققين الجنائيين في جمع الأدلة بالإضافة إلى صلاحيات التحقيق. وتستطيع اللجنة المستقلة في هذه الحالة إما مباشرة التحقيقات بنفسها وإحالتها إلى النيابة العامة عند الانتهاء من التحقيقات (باعتبار النيابة هى الوحيدة التي تملك سلطة توجيه الاتهام إذا لزم الأمر)، أو أن تبدأ في التحقيقات بالتعاون مع النيابة العامة.

 

أما الإجراءات التي تستطيع أن تتخذها اللجنة فتتضمن إصدار تقرير مبدئي يتم رفعه لوزارة الداخلية قبل نشره وإعطاء الفرصة للرد، ثم نشر التقرير النهائي. كما تستطيع أن تقدم توصيات للإدارات المختصة بجهاز الشرطة أو لمصلحة السجون عن كيفية تفادي وقوع مثل تلك الحوادث في المستقبل. كما يمكن للجنة إحالة قضايا بعينها للنيابة العامة في حالة ثبوت وجود مخالفة جنائية، وتقديم ملف كامل للنيابة بصفتها سلطة الاتهام لاتخاذ الإجراءات اللازمة.  أما في حالة وجود مخالفة إدارية فتحيل اللجنة القضية إلى الإدارة المختصة أو المجالس التأديبية المعنية داخل وزارة الداخلية.

 

 

 

القسم الثالث:  برامج تغيير الصورة الذهنية:

 

ندعو إلى اتخاذ إجراءات عملية لتغيير الصورة الذهنية عن الشرطة فى المجتمع، تترافق مع تحقيق التقدم على كافة المحاور السابق ذكرها، بما يؤدى إلى تكوين صورة ذهنية جديدة عن الشرطة ترسخ فى أذهان المواطنين احترام جهاز الشرطة لسيادة القانون وحقوق الإنسان.  وفيما يلى بعض الأمثلة لما يمكن أن تكون عليه تلك البرامج:

·   تغيير اسم وزارة الداخلية لما ارتبط به فى أذهان المواطنين من تبعية للنظام وممارسات قمعية؛ ونقترح أن يكون الاسم الجديد ( وزارة الأمن الداخلى ) .

·   إعادة بناء أقسام ونقاط الشرطة وفقا لتصميم جديد؛ يراعى فصل أقسام المبنى من الداخل عن بعضها باستخدام فواصل زجاجية بحيث لا توجد حوائط مصمتة أو حجرات مغلقة وإنما مسطح مفتوح يسمح بإظهار كل ما يدور بداخله؛ الأمر الذى يوفر قدراَ من الشفافية المادية التى تنعكس على ذهنية المواطن فتعزز لديه مشاعر الثقة والاطمئنان.

·   تغيير زى ضباط وأفراد الشرطة لارتباطه فى ذهن الجماهير بممارسات القمع؛ وتصميم زى عملى بسيط؛ ونقترح أن يكون البنطلون باللون الأزرق والقميص باللون السماوى الفاتح أو الغامق والسويتر باللون الأزرق؛ وبحيث يسمح تصميم هذا الزى بحمل التجهيزات التكنولوجية المعاونة بسهولة، وبحيث يتم تعليق كارنيه الشرطة الموضح لشخصية ضابط أو فرد الشرطة على جيب القميص أو على السويتر بما يسمح للمواطنين بالتعرف على شخصية رجل الشرطة دون مطالبته بذلك.


الباب الثالث:
التعديلات التشريعية

 

 

انطلاقا من كل المحاور السابق استعراضها لإعادة بناء الشرطة؛ يظهر جلياً أن تحقيق الكثير من هذه المحاور يتطلب إدخال تعديلات على عدد من القوانين القائمة، وكذلك استحداث بعض التشريعات.  وفيما يلى نوضح الملامح الرئيسية لأهم التعديلات والإضافات التشريعية المطلوبة.

 

أولاً:  تعديلات فى بعض القوانين المرتبطة بعمل الشرطة

·        تعديل تعريف “التعذيب” فى القانون، بحيث يتسع هذا التعريف ليشمل المزيد من أشكال الإيذاء البدنى أو النفسى المتعمد للمحتجزين، وبحيث يكون متسقاً مع تعريف التعذيب فى القوانين والمعاهدات الدولية.

·        تعديلات واسعة النطاق فى الباب الثانى من الكتاب الثانى من قانون العقوبات المتعلق بـ “الجنايات والجنح المضرة بالحكومة من جهة الداخل” ، وكافة المواد الأخرى بقانون العقوبات التى تتعلق بنفس المضمون، وذلك لأن تلك النصوص التشريعية تحتوى على صياغات مطاطة ومصطلحات تجريمية مبهمة تؤدى إلى تكريس إطار عقابى واسع، يسمح بخلق مناخ من الترويع، ويتيح لجهاز الأمن الاستقواء فى مواجهة المواطنين بسلطات واسعة تغرى على إساءة استعمالها.

·        إلغاء المادة رقم 2 فقرة (ب) من قانون الخدمة العسكرية والوطنية الخاص بندب المجندين من القوات المسلحة إلى وزارة الداخلية لأداء الخدمة العسكرية

·        إلغاء قرار وزير الدفاع رقم 31 لسنة 1981 الذى يعتبر وزارة الداخلية من الهيئات ذات الطابع العسكرى التى يجوز أداء الخدمة العسكرية بها.

 

ثانياً:  تشريعات انتقالية يجب استحداثها:

·        تشريعات لإنشاء نظام العدالة الانتقالية الثورية، والذى يشمل هيئة المحاسبة والعدالة، هيئة تعويض الشهداء والمصابين والضحايا، ومحكمة جنايات الثورة، وذلك بما يحقق الأغراض والملامح الرئيسية المبينة فى البند أولاً – الباب الأول من هذه المبادرة.

·        تشريع لإنشاء اللجنة العليا المستقلة لفحص سجلات ضباط وأفراد الشرطة.  ويجب أن يحدد القانون عدد أفراد اللجنة وتخصصاتهم ومعايير وآليات اختيارهم، كما يحدد القانون اختصاص اللجنة وصلاحياتها ومصادر تمويلها وذلك بما يمكنها من أداء مهمتها بكفاءة طبقاً للأغراض والملامح الرئيسية المبينة فى البند ثانياً – الباب الأول من هذه المبادرة.

 

ثالثاً:  تشريعات لإنشاء هيئات رقابية جديدة:

·        تشريع لإنشاء الهيئة القومية للوقاية من التعذيب والمعاملة القاسية والمهينة.  يحدد القانون الهيكل التنظيمى للهيئة وتشكيل مجلس إدارتها ومعايير وآليات اختيار أعضائه ودورة العضوية، كما يحدد القانون اختصاص الهيئة وصلاحياتها ومصادر تمويلها وذلك بما يمكنها من أداء مهمتها بكفاءة طبقاً للأغراض والرؤية والملامح الرئيسية المبينة فى الفقرة 6 – القسم الثانى – الباب الثانى من هذه المبادرة.

·        تشريع لإنشاء اللجنة المستقلة للتحقيق فى وقائع الوفيات والإصابات البالغة على يد رجال الشرطة.  طبقاً للأهداف والرؤية والملامح الرئيسية المبينة فى الفقرة 7 – القسم الثانى – الباب الثانى من هذه المبادرة.

 

رابعاً:  وضع قانون جديد لهيئة الشرطة:

 
يجب البدء فى وضع قانون جديد للشرطة (يحل محل القانون رقم 109 لسنة 1971)  بحيث يلبى الرؤية الجديدة الموضحة ملامحها فى هذه المبادرة، ويتناغم مع التعديلات والإضافات التشريعية الأخرى المقدمة فى الفقرات السابقة من هذا الباب.  وفيما يلى بعض العناصر الرئيسية التى يجب أن يتناولها قانون الشرطة الجديد:

·        التأكيد على الطبيعة المدنية – غير العسكرية أو شبه العسكرية – للشرطة.

·        تحديد التوصيف الوظيفى لدور الشرطة فى المجتمع، ووضع الضوابط لعدم تجاوز الشرطة لهذا الدور (بما يتفق مع الأهداف والرؤية الموضحة تفصيلاً فى الفقرة 1 – القسم الأول – الباب الثانى من هذه المبادرة)

·        وضع الأساس القانونى لتحويل الشرطة من المركزية الشديدة إلى المحلية (بما يتفق مع الأهداف والرؤية  الموضحة تفصيلاً فى الفقرة 3 – القسم الأول – الباب الثانى من هذه المبادرة)

·        التأكيد على حق الضباط والأفراد والعاملين المدنيين بالشرطة فى تشكيل نقابات تدافع عن حقوقهم الوظيفية وترعى شئونهم الصحية والاجتماعية وترتقى بمعايير المهنة وتضع المواثيق الأخلاقية الداعمة لها.

·        وضع ضوابط لعمليات النقل (الجغرافى أو الوظيفى) فى هيئة الشرطة، وكذلك لنهاية الخدمة، بما يحقق الكفاءة والعدالة الوظيفية ويمنع التمييز بالوساطة والمحسوبية ويمنع استخدام النقل كمكافأة أو كعقوبة مستترة.

·        وضع ضوابط واضحة لاستخدام القوة والسلاح من قبل ضباط وأفراد الشرطة، بالنص على أنه يجوز للضباط والأفراد العاملين بالشرطة – وفقاً لمبدأ التناسب بين درجة الخطورة ومواجهتها – استخدام القوة أو السلاح بالقدر اللازم للسيطرة على المشتبه بهم أو المتهمين أو المحكوم عليهم الهاربين أو السجناء المتمردين أو السجناء والمحبوسين حال محاولتهم الهرب.  والنص كذلك على أنه لا يجوز إعفاء ضابط أو فرد الشرطة من المسئولية الجنائية فى حال استخدامه للقوة أو السلاح بدون مقتضى أو بصورة لا تتناسب مع درجة الخطورة أو تتجاوز الدرجة المطلوبة للسيطرة على الخارجين عن القانون أو تتجاوز ضوابط الحق القانونى فى الدفاع الشرعى عن النفس أو الآخرين.

·        النص على حقوق المواطن عند التعرض للتوقيف والتفتيش والقبض.

 
 

خامساً:  وضع قانون جديد لأكاديمية الشرطة:

يجب البدء فى وضع قانون جديد لأكاديمية الشرطة (يحل محل القانون رقم 91 لسنة 1975) بحيث يلبى الرؤية الجديدة لتأهيل وتدريب ضباط وأفراد الشرطة، (بما يتفق مع الأهداف والرؤية الموضحة تفصيلاً فى الفقرة 10 – القسم الأول – الباب الثانى من هذه المبادرة).  ومن الضرورى أن يتم التأكيد فى هذا القانون على الطبيعة المدنية للدراسة بكليات ومعاهد الشرطة.